من واقع إلى حلم - من طيار إلى رائد الفضاء
بعد مرور سنة: قصة رحلة إيتان ستيبه إلى الفضاء بضمير المتكلم
موجودون في العزل في أورلاندو. عزل في منزل مريح، بركة سباحة، فريق مطبخ يُعدّ لنا الوجبات. نستيقظ مبكرًا. الساعة الثالثة فجرًا. نعتاد على العيش بحسب توقيت لندن، الذي يدار بموجبه الجدول اليومي في محطة الفضاء. إفطار خفيف بدون ألياف. عكس ما اعتدت على تناوله، السلطات والفواكه. ننهي تناول الطعام وننتقل لأخذ الحقنة الشرجية. هذا هو الوضع: مركبة دراغون التي ستأخذنا إلى الفضاء هي بالفعل المركبة الأكثر تطورًا، لكن "وسائل الراحة" ليست مريحة تمامًا، والخصوصية محدودة. في حقيبة برتقالية، نحزم الأغراض المهمة التي نحتاجها فور انتهاء المهمة، عند الهبوط على الكرة الأرضية. الملابس. الهاتف. الشاحن. نأخذها إلى غرفة الملابس ونتركها هناك. في محطة الفضاء، تنتظرنا حقيبتان محسوبتان بدقة من حيث الوزن، قمنا بتحضيرهما مسبقًا. الأولى – التذكارات، والثانية – "خزانة الملابس". زوجان من البناطلين. أربع بلوزات. جوارب. ملابس داخلية. أدوات استحمام. الحد الأدنى الممكن. هذا كلّ شيء. نأخذ حمام الوداع، نرتدي البدلات، نودع الطاقم الذي رافقنا في الأيام الأخيرة. هم يبقون في العزل احتياطًا لإلغاء الإطلاق في اللحظة الأخيرة، وسنضطر نحن أيضًا للعودة للعزل. نصعد إلى المروحية التي تنقلنا إلى كيب كانافيرال. الفجر يقترب وأشعة الشمس الأولى تدخل إلى المروحية الصغيرة. في كيب كانافيرال، تنتظرنا بدلات الفضاء. ارتداؤها ليس سهلًا. نحصل على مساعدة من الطاقم المحلي. نتحقق من سلامة البدلة وإحكامها. نربط أنفسنا بأنبوب ينقل إلى داخل البدلة الأكسجين والاتصال. يسمى umbilical. حبل السرة. أعتقد أن الاسم دقيق. فمنذ هذه اللحظة، لكل تفصيل صغير هناك أهمية حياتية. نخرج إلى سيارات تيسلا. نلتقط الصور. البدلة هذه المرة مريحة أكثر من بدلات التدريب. سيارة تيسلا مزودة بنظام تبريد خاص للحفاظ على درجة حرارة مستقرة ومريحة. في الخلفية، نسمع أغنية إمينيم التي اخترناها: Lose Yourself "…If you had one shot, or one opportunity To seize everything you ever wanted.." نصعد على منحدر الإطلاق. أبواب السيارة ترتفع للأعلى، نسحب أنفسنا للخارج. نطلب منهم الاستمرار في تشغيل الأغنية بأعلى صوت. هذه فرصة لإلقاء نظرة على صاروخ فالكون-9 العملاق الذي سيدفعنا إلى خارج هذا العالم. البدلة لا تسمح لنا برفع رؤوسنا كثيرًا. الطاقم بدأ يشعر بأن هذا على وشك الحدوث حقًا. ندخل المصعد في برج الإطلاق A39. مارك، مايك ولاري معي. الدخول إلى المصعد هو خطوة تقليدية وعادةً متّبعة منذ سنوات طويلة. جميع رواد الفضاء في برنامج أبولو ومكوكات الفضاء، بما في ذلك إيلان وطاقم كولومبيا. لا يمكن تجاهُل الشعور بالتأثر. في "طابق الوداع"، حيث نودع الطاقم المرافق، يوجد هاتف أزرار قديم يبدو وكأنه مأخوذ من معرض تذكارات. وبحسب العادات، نتصل بالعائلة. أنا الأخير، ولديّ وقت كافٍ لإلقاء نظرة على المشهد. أرى صاروخ أرتميس بكامل روعته. ربما أتمكن أنا أيضًا من الوصول إلى القمر يومًا ما. من يعرف؟ أخيرًا، جاء دوري. أتصل بالرقم الإسرائيلي. لا ردّ. أجرب الأمريكي. ترد أورا، والجميع هناك. يتواجدون منذ عدة ساعات في شقة طوارئ، خارد المنطقة العامة، بعيدًا عن الأنظار. تقول أورا: "آمل ألا نكون هنا مرة أخرى...." يوقع الجميع على الجدار، الذي يحتوي، تكريماً لجهود البشرية للوصول إلى الفضاء، على التوقيعات القليلة لمن سبقونا وأطلِقوا في مركبات سبيس إكس الفضائية. نودّع الطاقم. نأخذ الرقع مع أسمائهم إلى الفضاء. عند عودتنا، سيرتدون رقعة عادت من الفضاء الخارجي. هذه هي العادة. ندخل إلى المركبة الفضائية. أنا الأخير. الدخول صعب بعض الشيء، لكننا تدربنا عليه بما يكفي. نجلس كلٌّ في مقعده. نلتصق ببعضنا. نربط الأحزمة. يأتي تقنيّ للتأكد من أن كل شيء متصل وأن الاتصال والضغط يعملان. كل التقنيين والمساعدين يرتدون بدلات النينجا. (كورونا. هل تذكرون؟) يغادرون ويغلقون الفتحة خلفهم. تسمى بهذا الاسم لأنها أصغر من الباب العادي. يفحصون. يتضح أن الإغلاق ليس محكمًا. يفتحون مرة أخرى. وأنا أفكر في نفسي أنهم سيلغون المهمة وسنعود للعزل، لكن عند الإغلاق مجددًا، كل شيء كان على ما يرام. ساعتان على الإطلاق. عندما يصبح كل شيء مغلقًا ومحكمًا، يجهزون المركبة الفضائيّة وصاروخ الإطلاق. في الخارج، يبتعدون لمسافة 4-3 كيلومترات على الأقل. يهربون من المكان. في الداخل، نراجع خطة العمل، نمزح، نراجع الشاشات. كل شيء يسير بسلاسة. هيا، لننطلق. المهم أنهم أغلقوا الباب. الوقت يمر. عندما تبتعد الذراع الروبوتية، يدخل ضوء الشمس عبر النوافذ. 45 دقيقة على الإطلاق. تبدأ تعبئة الوقود. نسمع أصوات الصمامات، تُفتح وتُغلق. الغازات التي تُرى من الخارج تهجف إلى التبريد أثناء تعبئة الوقود. هذه الأوقات حساسة جدًا. يجب الاهتمام بألّا يسخن الوقود. واضح أننا ندرك الخطورة، لكننا لا نخاف. تعلمنا كل شيء، ونحن نؤمن بذلك. بالإضافة لذلك، مركبة دراغون تعرف جيدًا كيف تؤدي عملها بدقة. هذه حقيقة. نحن سنكون إطلاقها الثالث. 10 دقائق على الإطلاق. آرثور وآنا، المراقبان في مركز التحكم، يطلبان من الطاقم قول بعض الكلمات. مايك يصادق، ويوجّههما إليّ. اقتبست بعض السطور من "الطريق إلى إيثاكا"، حيث شعرت أن قسطنطين كفافيس كتبها خصيصًا لنا عام 1911. ... فكّر دائمًا في إيثاكا، لأن هدفك هو الوصول إليها. لكن لا تتعجل في رحلتك. الأفضل أن تستغرق سنوات طويلة. أن تصل إلى جزيرتك وأنت مُسنّ غني بكل ما جمعته في الطريق. لا تأمل أن تهبك إيثاكا ثراءً. إيثاكا منحتك الرحلة الجميلة. لولاها ما كنت شددت الرحال. وأقول، "بالنجاح ركياع، بالنجاح AX1". القائد يصعد للبث ويشكر كل من جهّزنا للرحلة، كما يجب وكما ينبغي. من أصغر التفاصيل إلى أكبرها. ننتظر الإشارة المجنونة "Go for launch" التي تمنح الضوء الأخضر للإطلاق. الـ 45 ثانية الأخيرة قبل الإطلاق. يبدو وكأن الوقت قد توقف. 10 ثوانٍ على الإطلاق. آنا من مركز التحكم تبدأ العد التنازلي. وكلنا نصرخ معها 10، 9.... 1، 2، 3 Lift Off بمجرد أن يبدأ التسارع، تبدأ المتعة. إحساس سلس جدًا. ناعم. يعادل G ونصف، وربما اثنين. أنظر عبر النافذة، أرى المشهد. أنظر إلى زملائي في الطاقم. شعور رائع. ومؤثر. ولا. ليس هناك أي خوف. التسارع يزداد. المركبة ذاتية التشغيل بالكامل، والقائد، الذي سبق له قيادة مركبة فضائية أو اثنتين، يجلس مثلنا في مقعده. طوال الرحلة، نراقب خريطة العالم: في حال حدوث شيء واضطررنا للهبوط الطارئ، أين ستكون نقطة الهبوط؟ الصاروخ يقلل من قوة الدفع قليلًا. نتجاوز سرعة الصوت. المحركات تعود إلى طاقتها الكاملة. عند 4G، تشعر وكأن وزنك تضاعف 4 مرات. لا يمكنني رفع يديّ. هناك ضغط طفيف على الجسم. في هذه اللحظات، ننظر إلى الارتفاع والسرعة، وننتظر الخروج من الغلاف الجوي. عند 80 كيلومترًا (6 ماخ)، ينفصل الصاروخ. قوة الـ G تتوقف. الصاروخ يعود ويهبط بدقة على منصة في البحر. يتم تشغيل محرك المرحلة الثانية تلقائيًا، ونواصل التسارع لمدة 12 دقيقة أخرى، من سرعة 7000 كم/ساعة إلى 28,000 كم/ساعة. كل هذا حدث خلال دقيقتين ونصف فقط. وقت قصير جدًا. عند 100 كيلومتر، بعد ثلاث دقائق من الإطلاق، يقول مايك: welcome to space! - أنتم روّاد فضاء! عند دخولنا إلى المسار حول الكرة الأرضية، ننفصل عن المحرك الثاني، وكذلك عن فريق التحكم في الإطلاق الذي كان على اتصال معنا حتى هذه اللحظة. نفكّ الأحزمة، نخرج من البدلة، ونحزمها في حقيبة توضع تحت المقعد. نزيل الحفاضات، التي لحسن الحظ لم نستخدمها. ونبقى بملابسنا الداخلية. أحلّق باتجاه النافذة. الدهشة تملأني. صور أولى للكرة الأرضيّة. بعد 15 دقيقة فقط من الإطلاق، كنا نحلّق. وفقًا للتوصيات، أحاول عدم تحريك رأسي بسرعة كبيرة. لأن ذلك قد يسبب الدوار. لحسن حظي، أشعر أنني بحالة جيدة. المساء يحلّ، ونحن نستعد لتناول الطعام. الوجبات جاهزة في أكياس: لوز، تونة، كعك، دجاج. الآن يبدأ التبادل. هذا لا يحب التونة. وذاك لا يحب اللحم. نتبادل الوجبات. يذكرني هذا بأيام الجيش. نتعلم كيف نرمي الفول السوداني بخط مستقيم من اليد إلى الفم. أبلغ مركز التحكم بكل ما أكلناه، كم شربنا وكم مرة استخدمنا الحمام. قبل النوم، نعود ونربط أنفسنا بالمقاعد، حتى نبقى في نفس المكان عند الاستيقاظ. أثناء الرحلة، غفوت بينما كنت أحلّق في الهواء، فصوّرني مارك نائمًا في الهواء. لكن على أي حال، الكرسي الذي تحول إلى سرير نوم كان مريحًا بما يكفي. لكل واحد منا فرشاة أسنان، غطاء للعينين وزر للتحكم في الإضاءة. مثل زملائي، أشعر بالإرهاق الشديد وأغرق في نوم عميق لمدة ست أو سبع ساعات. استيقاظ. ضوء. تنبعث من مكبرات الصوت بأعلى قوة، أغنية كتبها ابني الصغير، يوآف عن موسيقى تريليلي-ترالالا لنوعا كيريل: "ننطلق إلى الفضاء... إلى الفضاء، إلى الفضاء" أحلّق بسعادة. هكذا يبدو تحقيق الحلم. والبقية رُوِيَت، والمزيد سيُروى. تابعوني مع فائق تقديري، إيتان
من واقع إلى حلم - من طيار إلى رائد الفضاء
May 21, 2023

من واقع إلى حلم - من طيار إلى رائد الفضاء
May 21, 2023
بعد مرور سنة: قصة رحلة إيتان ستيبه إلى الفضاء بضمير المتكلم

بعد مرور سنة: قصة رحلة إيتان ستيبه إلى الفضاء بضمير المتكلم
موجودون في العزل في أورلاندو. عزل في منزل مريح، بركة سباحة، فريق مطبخ يُعدّ لنا الوجبات. نستيقظ مبكرًا. الساعة الثالثة فجرًا. نعتاد على العيش بحسب توقيت لندن، الذي يدار بموجبه الجدول اليومي في محطة الفضاء. إفطار خفيف بدون ألياف. عكس ما اعتدت على تناوله، السلطات والفواكه. ننهي تناول الطعام وننتقل لأخذ الحقنة الشرجية. هذا هو الوضع: مركبة دراغون التي ستأخذنا إلى الفضاء هي بالفعل المركبة الأكثر تطورًا، لكن "وسائل الراحة" ليست مريحة تمامًا، والخصوصية محدودة. في حقيبة برتقالية، نحزم الأغراض المهمة التي نحتاجها فور انتهاء المهمة، عند الهبوط على الكرة الأرضية. الملابس. الهاتف. الشاحن. نأخذها إلى غرفة الملابس ونتركها هناك. في محطة الفضاء، تنتظرنا حقيبتان محسوبتان بدقة من حيث الوزن، قمنا بتحضيرهما مسبقًا. الأولى – التذكارات، والثانية – "خزانة الملابس". زوجان من البناطلين. أربع بلوزات. جوارب. ملابس داخلية. أدوات استحمام. الحد الأدنى الممكن. هذا كلّ شيء. نأخذ حمام الوداع، نرتدي البدلات، نودع الطاقم الذي رافقنا في الأيام الأخيرة. هم يبقون في العزل احتياطًا لإلغاء الإطلاق في اللحظة الأخيرة، وسنضطر نحن أيضًا للعودة للعزل. نصعد إلى المروحية التي تنقلنا إلى كيب كانافيرال. الفجر يقترب وأشعة الشمس الأولى تدخل إلى المروحية الصغيرة. في كيب كانافيرال، تنتظرنا بدلات الفضاء. ارتداؤها ليس سهلًا. نحصل على مساعدة من الطاقم المحلي. نتحقق من سلامة البدلة وإحكامها. نربط أنفسنا بأنبوب ينقل إلى داخل البدلة الأكسجين والاتصال. يسمى umbilical. حبل السرة. أعتقد أن الاسم دقيق. فمنذ هذه اللحظة، لكل تفصيل صغير هناك أهمية حياتية. نخرج إلى سيارات تيسلا. نلتقط الصور. البدلة هذه المرة مريحة أكثر من بدلات التدريب. سيارة تيسلا مزودة بنظام تبريد خاص للحفاظ على درجة حرارة مستقرة ومريحة. في الخلفية، نسمع أغنية إمينيم التي اخترناها: Lose Yourself "…If you had one shot, or one opportunity To seize everything you ever wanted.." نصعد على منحدر الإطلاق. أبواب السيارة ترتفع للأعلى، نسحب أنفسنا للخارج. نطلب منهم الاستمرار في تشغيل الأغنية بأعلى صوت. هذه فرصة لإلقاء نظرة على صاروخ فالكون-9 العملاق الذي سيدفعنا إلى خارج هذا العالم. البدلة لا تسمح لنا برفع رؤوسنا كثيرًا. الطاقم بدأ يشعر بأن هذا على وشك الحدوث حقًا. ندخل المصعد في برج الإطلاق A39. مارك، مايك ولاري معي. الدخول إلى المصعد هو خطوة تقليدية وعادةً متّبعة منذ سنوات طويلة. جميع رواد الفضاء في برنامج أبولو ومكوكات الفضاء، بما في ذلك إيلان وطاقم كولومبيا. لا يمكن تجاهُل الشعور بالتأثر. في "طابق الوداع"، حيث نودع الطاقم المرافق، يوجد هاتف أزرار قديم يبدو وكأنه مأخوذ من معرض تذكارات. وبحسب العادات، نتصل بالعائلة. أنا الأخير، ولديّ وقت كافٍ لإلقاء نظرة على المشهد. أرى صاروخ أرتميس بكامل روعته. ربما أتمكن أنا أيضًا من الوصول إلى القمر يومًا ما. من يعرف؟ أخيرًا، جاء دوري. أتصل بالرقم الإسرائيلي. لا ردّ. أجرب الأمريكي. ترد أورا، والجميع هناك. يتواجدون منذ عدة ساعات في شقة طوارئ، خارد المنطقة العامة، بعيدًا عن الأنظار. تقول أورا: "آمل ألا نكون هنا مرة أخرى...." يوقع الجميع على الجدار، الذي يحتوي، تكريماً لجهود البشرية للوصول إلى الفضاء، على التوقيعات القليلة لمن سبقونا وأطلِقوا في مركبات سبيس إكس الفضائية. نودّع الطاقم. نأخذ الرقع مع أسمائهم إلى الفضاء. عند عودتنا، سيرتدون رقعة عادت من الفضاء الخارجي. هذه هي العادة. ندخل إلى المركبة الفضائية. أنا الأخير. الدخول صعب بعض الشيء، لكننا تدربنا عليه بما يكفي. نجلس كلٌّ في مقعده. نلتصق ببعضنا. نربط الأحزمة. يأتي تقنيّ للتأكد من أن كل شيء متصل وأن الاتصال والضغط يعملان. كل التقنيين والمساعدين يرتدون بدلات النينجا. (كورونا. هل تذكرون؟) يغادرون ويغلقون الفتحة خلفهم. تسمى بهذا الاسم لأنها أصغر من الباب العادي. يفحصون. يتضح أن الإغلاق ليس محكمًا. يفتحون مرة أخرى. وأنا أفكر في نفسي أنهم سيلغون المهمة وسنعود للعزل، لكن عند الإغلاق مجددًا، كل شيء كان على ما يرام. ساعتان على الإطلاق. عندما يصبح كل شيء مغلقًا ومحكمًا، يجهزون المركبة الفضائيّة وصاروخ الإطلاق. في الخارج، يبتعدون لمسافة 4-3 كيلومترات على الأقل. يهربون من المكان. في الداخل، نراجع خطة العمل، نمزح، نراجع الشاشات. كل شيء يسير بسلاسة. هيا، لننطلق. المهم أنهم أغلقوا الباب. الوقت يمر. عندما تبتعد الذراع الروبوتية، يدخل ضوء الشمس عبر النوافذ. 45 دقيقة على الإطلاق. تبدأ تعبئة الوقود. نسمع أصوات الصمامات، تُفتح وتُغلق. الغازات التي تُرى من الخارج تهجف إلى التبريد أثناء تعبئة الوقود. هذه الأوقات حساسة جدًا. يجب الاهتمام بألّا يسخن الوقود. واضح أننا ندرك الخطورة، لكننا لا نخاف. تعلمنا كل شيء، ونحن نؤمن بذلك. بالإضافة لذلك، مركبة دراغون تعرف جيدًا كيف تؤدي عملها بدقة. هذه حقيقة. نحن سنكون إطلاقها الثالث. 10 دقائق على الإطلاق. آرثور وآنا، المراقبان في مركز التحكم، يطلبان من الطاقم قول بعض الكلمات. مايك يصادق، ويوجّههما إليّ. اقتبست بعض السطور من "الطريق إلى إيثاكا"، حيث شعرت أن قسطنطين كفافيس كتبها خصيصًا لنا عام 1911. ... فكّر دائمًا في إيثاكا، لأن هدفك هو الوصول إليها. لكن لا تتعجل في رحلتك. الأفضل أن تستغرق سنوات طويلة. أن تصل إلى جزيرتك وأنت مُسنّ غني بكل ما جمعته في الطريق. لا تأمل أن تهبك إيثاكا ثراءً. إيثاكا منحتك الرحلة الجميلة. لولاها ما كنت شددت الرحال. وأقول، "بالنجاح ركياع، بالنجاح AX1". القائد يصعد للبث ويشكر كل من جهّزنا للرحلة، كما يجب وكما ينبغي. من أصغر التفاصيل إلى أكبرها. ننتظر الإشارة المجنونة "Go for launch" التي تمنح الضوء الأخضر للإطلاق. الـ 45 ثانية الأخيرة قبل الإطلاق. يبدو وكأن الوقت قد توقف. 10 ثوانٍ على الإطلاق. آنا من مركز التحكم تبدأ العد التنازلي. وكلنا نصرخ معها 10، 9.... 1، 2، 3 Lift Off بمجرد أن يبدأ التسارع، تبدأ المتعة. إحساس سلس جدًا. ناعم. يعادل G ونصف، وربما اثنين. أنظر عبر النافذة، أرى المشهد. أنظر إلى زملائي في الطاقم. شعور رائع. ومؤثر. ولا. ليس هناك أي خوف. التسارع يزداد. المركبة ذاتية التشغيل بالكامل، والقائد، الذي سبق له قيادة مركبة فضائية أو اثنتين، يجلس مثلنا في مقعده. طوال الرحلة، نراقب خريطة العالم: في حال حدوث شيء واضطررنا للهبوط الطارئ، أين ستكون نقطة الهبوط؟ الصاروخ يقلل من قوة الدفع قليلًا. نتجاوز سرعة الصوت. المحركات تعود إلى طاقتها الكاملة. عند 4G، تشعر وكأن وزنك تضاعف 4 مرات. لا يمكنني رفع يديّ. هناك ضغط طفيف على الجسم. في هذه اللحظات، ننظر إلى الارتفاع والسرعة، وننتظر الخروج من الغلاف الجوي. عند 80 كيلومترًا (6 ماخ)، ينفصل الصاروخ. قوة الـ G تتوقف. الصاروخ يعود ويهبط بدقة على منصة في البحر. يتم تشغيل محرك المرحلة الثانية تلقائيًا، ونواصل التسارع لمدة 12 دقيقة أخرى، من سرعة 7000 كم/ساعة إلى 28,000 كم/ساعة. كل هذا حدث خلال دقيقتين ونصف فقط. وقت قصير جدًا. عند 100 كيلومتر، بعد ثلاث دقائق من الإطلاق، يقول مايك: welcome to space! - أنتم روّاد فضاء! عند دخولنا إلى المسار حول الكرة الأرضية، ننفصل عن المحرك الثاني، وكذلك عن فريق التحكم في الإطلاق الذي كان على اتصال معنا حتى هذه اللحظة. نفكّ الأحزمة، نخرج من البدلة، ونحزمها في حقيبة توضع تحت المقعد. نزيل الحفاضات، التي لحسن الحظ لم نستخدمها. ونبقى بملابسنا الداخلية. أحلّق باتجاه النافذة. الدهشة تملأني. صور أولى للكرة الأرضيّة. بعد 15 دقيقة فقط من الإطلاق، كنا نحلّق. وفقًا للتوصيات، أحاول عدم تحريك رأسي بسرعة كبيرة. لأن ذلك قد يسبب الدوار. لحسن حظي، أشعر أنني بحالة جيدة. المساء يحلّ، ونحن نستعد لتناول الطعام. الوجبات جاهزة في أكياس: لوز، تونة، كعك، دجاج. الآن يبدأ التبادل. هذا لا يحب التونة. وذاك لا يحب اللحم. نتبادل الوجبات. يذكرني هذا بأيام الجيش. نتعلم كيف نرمي الفول السوداني بخط مستقيم من اليد إلى الفم. أبلغ مركز التحكم بكل ما أكلناه، كم شربنا وكم مرة استخدمنا الحمام. قبل النوم، نعود ونربط أنفسنا بالمقاعد، حتى نبقى في نفس المكان عند الاستيقاظ. أثناء الرحلة، غفوت بينما كنت أحلّق في الهواء، فصوّرني مارك نائمًا في الهواء. لكن على أي حال، الكرسي الذي تحول إلى سرير نوم كان مريحًا بما يكفي. لكل واحد منا فرشاة أسنان، غطاء للعينين وزر للتحكم في الإضاءة. مثل زملائي، أشعر بالإرهاق الشديد وأغرق في نوم عميق لمدة ست أو سبع ساعات. استيقاظ. ضوء. تنبعث من مكبرات الصوت بأعلى قوة، أغنية كتبها ابني الصغير، يوآف عن موسيقى تريليلي-ترالالا لنوعا كيريل: "ننطلق إلى الفضاء... إلى الفضاء، إلى الفضاء" أحلّق بسعادة. هكذا يبدو تحقيق الحلم. والبقية رُوِيَت، والمزيد سيُروى. تابعوني مع فائق تقديري، إيتان